"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

22‏/1‏/2009

الاحتلال وتجارة الرقيق 3 : من هم السماسرة ؟


بقلم: عشتار العراقية

وزارة الخارجية الأمريكية تصدر تقريرا كل عام عن حالة (التجارة بالبشر) في كل البلدان التي تصنفها حسب شدة الحالة فيها والاجراءات القانونية التي تتخذها تلك البلدان لمكافحة القضية. ومنذ الاحتلال وهي تدرس حالة العراق بصفتها (حالة خاصة) ولم تدرجها ضمن ترتيب ذلك التصنيف، لأن العراق (يمر منذ ست سنوات بحالة انتقال من القندرة الى النعال) . وطبعا الوزارة تخلي احتلالها العراق من أي مسؤولية ، وتعامل الحكومة العميلة على انها حكومة محترمة مالكة لارادتها وتعرف شكو ماكو تحت عمامتها. ولكن فائدة التقرير انه على الأقل يعترف بوجود هذه الكارثة. واترككم مع تقرير 2008 .

(المدى والحجم) : العراق هو بلد مصدر ومستورد للرجال والنساء المباعين لاغراض الاستغلال الجنسي التجاري واعمال السخرة الإجبارية. تجارة اطفال العراق تجري داخل البلد وخارجها لاغراض الاستغلال الجنسي ، والعصابات الاجرامية تستهدف الاولاد الصغار ، وموظفو دور الايتام يتاجرون بالبنات الصغيرات لاغراض تجارة الجنس. تتم التجارة بالنساء العراقيات داخل البلاد اضافة الى تهريبهن الى سوريا والاردن والكويت وقطر والامارات المتحدة وتركيا وايران لاغراض الاستغلال الجنسي. وكذلك العراق مستورد للرجال والنساء المتاجر بهم من جورجيا والهند وباكستان والنيبال والفلبين وسري لانكا لأغراض العمل القسري كعمال بناء او منظفين ولتلبية الطلبات. والنساء من الفلبين واندونيسيا يباعون في المنطقة الكردية لخدمة البيوت. تم اجبار بعض هؤلاء العمال على العمل في العراق او اغرائهم بوظائف خادعة في الكويت والأردن وبدلا من ذلك ارسلوا الى العراق قسرا. الكل يعيشون حالة مزرية من اعمال السخرة بالاجبار. ورغم ان حكومات الهند واباكستان وسري لانكا وتايلاند والفيلبين قد حظرت على مواطنيها العمل في العراق ولكن عمال هذه البلاد يساقون الى الكويت او الاردن ثم يتم تهديدهم بتركهم عرضة للجوع والتشريد في الكويت او الاردن .

(ملاحظة مني: مهربو البشر يحتفظون بجوازات البضاعة البشرية وعادة تكون الجوازات مزورة ، وهكذا فإن التهديد بالترك في بلدان غريبة بدون جوازات يعرضهم لقانون تلك البلاد).

لم يتخذ العراق اية خطوة ذات قيمة لمعالجة التجارة بالبشر طوال السنة التي يغطيها التقرير (ملاحظة مني: في كل سنة على مدى سنوات الاحتلال ، لم تفعل الحكومة شيئا في هذا الاتجاه). مع ان لديها جهازا قضائيا، لكن الحكومة لم ترفع اية قضية تجارة بالبشر ولم تدن اي متورط. اضافة الى ان الحكومة لا تقدم اي خدمات حماية للضحايا من هذه التجارة ، ولم تبذل اي جهد في منع تجارة البشر ولا تعتبر تجارة البشر مشكلة في البلاد.

التوصيات للحكومة العراقية : زيادة التحقيقات الجنائية بشكل جاد لحالات تهريب البشر داخليا وخارجيا لاغراض الاستغلال الجنسي وكذلك العمالة القسرية. كما يجب على الحكومة توفير الحماية لضحايا هذهالتجارة ويجب ان تضمن الا تعرضوا للحجز او العقاب او المعاملة كأنهم مجرمون بسبب أفعال وقعت نتيجة للمتاجرة بهم.

جهود الحكومة : حكومة العراق لا تحرم كل اشكال التجارة بالبشر، ولكنها تجرم تجارة الاطفال للأغراض الجنسية من خلال المادة 399 من قانون العقوبات. وتنص العقوبة على السجن بمدد اقصاها 10 سنوات ، وهو ردع كاف ولكنه لا يتناسب مع جرائم اخرى تصاحب المتاجرة بالبشر مثل الاغتصاب. من المهم ان يتبنى العراق اصلاحات تشريعية تجرم كل اشكال التجارة بالبشر ، وتدرب شرطتها ومسؤوليها القضائيين ، وتتخذ اجراءات لكبح تواطيء المسؤولين العموميين في تجارة نساء العراق (يعني الشرطة والجيش والاجهزة الامنية والمسؤولين الآخرين) ، وينبغي ان تبدأ ملاحقة انتهاكات هذه التجارة حسب القوانين السارية وتحكم على اولئك الذين تتم ادانتهم بأحكام ردع كافية.

لم تقدم الحكومة العراقية اي خدمات حماية للضحايا خلال السنة الماضية، ولم تخصص ملاجيء للضحايا ، ولا تقدم خدمات قانونية وطبية ونفسية. يستمر العراق في الافتقار الى اجراءات رسمية للتعرف على ضحايا التجارة بالبشر من بين الجماعات الهشة مثل النساء اللواتي يعتقلن بتهم الدعارة. ونتيجة لذلك تعتقل احيانا ضحايا التجارة بسبب أفعال غير قانونية ارتكبنها بدون ارادة بسبب المتاجرة بهن. ولم تقدم الحكومة اية مساعدة للضحايا العراقيين الذين يرحلون من الخارج الى العراق، وبعضهن يجري عقابه كمجرمين. مثلا بعض الضحايا اللواتي تم بيعهن للخارج بجوازات سفر مزورة، اعتقلن وحوكمن عند عودتهن الى العراق. والعراق لا يشجع الضحايا على رفع قضايا ضد تجار البشر ولا يقدم للضحايا الاجانب بدائل قانونية سوى الترحيل من العراق الى بلدان قد تزداد فيها معاناتهم.

لم تتخذ حكومة العراق اية اجراءات لمنع المتاجرة بالبشر خلال العام الماضي، رغم ان التقارير تؤكد تصاعد مشكلة التجارة بين النساء والمواطنين الاجانب في العراق الذين يعملون بالسخرة. والحكومة لا ترعى اي حملات ضد التجارة بالبشر. ولم ترصد انماطا من الهجرة واللجوء للتعرف على عمليات التجارة بالبشر. )

في السنوات الألى للاحتلال كان تقرير وزارة الخارجية الأمريكية هذا يرصد تهريب النساء العراقيات الى اليمن، ومنها الى الخليج. لماذا اليمن ؟ لأنها كانت تسمح للمواطنين العراقيين الدخول بدون تأشيرة ، كما أن الموظفين العموميين اليمنيين معروفون بالفساد وانتشار الرشوة التي يطلبونها بشكل علني. وبعد ذلك حين طبقت اليمن شرط التأشيرة على العراقيين ، خرجت من صورة (محطة الوصول) للمخطوفات العراقيات.

في وقت مبكر بعد الأحتلال ، وفي الواقع بعد شهر واحد ، في 13 آيار 2003، ارسلت (مفوضية الامن والتعاون في اوربا) الأمريكية في هلسنكي، رسالة وقعها 8 من أعضائها ، الى ريتشارد ارميتاج نائب وزير الخارجية الأمريكية حينذاك ، يسألونه عما فعلته او ستفعله وزارة الخارجية الأمريكية لضمان منع شركات الأمن الخاصة الأمريكية من المساهمة في الدعارة او التجارة بالبشر في العراق كما فعلت في مناطق اخرى ، وعما ستفعله الوزارة لمحاربة بروز ظاهرة الدعارة وصناعات تجارة البشر في عراق ما بعد الحرب ، بسبب تدفق الجيوش الأمريكية ومن دول اخرى. قالت الرسالة :

" ان الحاجة الى وضع استراتيجية لمنع ظهور الدعارة والتجارة بالبشر في عراق مابعد الحرب ، تؤكدها تجار ب سابقة في البوسنة والهرسك وكوسوفو. في كلا المنطقتين ، تركت الدعارة والتجارة بالبشر تنموان وتزدهران بسبب وصول اعداد كبيرة من الافراد متعددي الجنسيات لاغراض اعادة الاعمار وحفظ السلام. وقد فشلت الولايات المتحدة والمجتمع الدولي في معالجة المشكلة في بداية ظهورها ، ونتيجة لذلك خرجت العصابات المنظمة التي تدير هذه الاعمال عن السيطرة. يجب منع مثل هذا السيناريو في العراق. نرجوكم تزويدنا بالمعلومات عن الخطوات التي اتخذتموها من اجل ضمان عدم تطور وازدهار اعمال الدعارة وتجارة البشر لاغراض الجنس في العراق بسبب تدفق جيوش المدنيين والعسكريين الامريكان ومن الدول الاخرى" www.csce.gov

مفوضية هلسنكي الأمريكية هي وكالة فدرالية مستقلة تراقب وتشجع التقدم في تطبيق شروط معاهدة هلسنكي. تأسست في 1976 وتتكون من 9 اعضاء من مجلس الشيوخ و9 من مجلس النواب، ومسؤول واحد من كل من وزارات الخارجية والدفاع والتجارة.

ولكن كما ترون من تقارير وزارة الخارجية السنوية ، انها لم تفعل شيئا غير رصد الظاهرة وإلقاء العبء على الحكومة العراقية العاجزة حتى عن حماية مؤخراتها السميكة الملتصقة بالكراسي.

تلاحظون من تقرير وزارة الخارجية اتهام (مسؤولي دور الايتام) في المتاجرة في اليتيمات الصغيرات.

والان ارجعوا الى مقالتي امس حين تحدثت عن مستشارة الجندر الايرانية الامريكية (مندانا هندسي) وكيف انها بالتعاون مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقية قد أقامت دار البغاء في المنطقة الخضراء تحت ستار (ملجأ للنساء المعذبات بالعنف المنزلي) .

وايضا استرجعوا في ذاكرتكم فضيحة دار الحنان ، التي كشف فيها الجنود الأمريكان بالصدفة المعوقين المهملين جوعا ومرضا والمربوطين في الاسرة والغارقين في فضلاتهم ، وكانت الوزارة ذاتها هي التي تشرف على الدار، وكل مافعله المسؤولون عن الوزارة في حينها هو الدفاع (المشرف) عن جهود الوزارة ، وتكذيب اعيننا.

إذن هي وزارة شؤون اجتماعية ومهمتها رعاية النساء والايتام والاطفال ولكنها عملت بكل جهدها للمتاجرة بكل هؤلاء. الوزارة حسب المحاصصة تتبع الائتلاف الشيعي الموحد. أليس كذلك ؟ ألا يشرف هؤلاء على الوزارات التي تتبعهم؟ حتى يظل اسمهم نظيفا أمام الناخبين ؟ او على الأقل امام الله ؟ أو امام الامام علي او الامام الحسين او كل الائمة الاثنى عشر ؟ لأي شيء اقيم هذا الإئتلاف؟ لإلتهام الهريسة ام الفريسة؟

ومن تقرير حقوق الانسان الصادر من السفارة الأمريكية في العراق لعام 2007 نجد الآتي/

(أشارت الأدلة المستوحاة من الروايات ومن تقارير أجهزة الإعلام إلى أن بعض ضحايا الاتجار بالبشر تم أخذهم من دور للأيتام ومن مؤسسات خيرية أخرى بواسطة موظفين في هذه المؤسسات. وفي عام 2006، اتهمت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية الدور الخاصة لرعاية الأيتام بالتورط في هذه الأنشطة وطالبت بإخضاعها جميعها لإشرافها ولسلطة تفتيشها، ولكن لم يكن واضحا بحلول نهاية العام ما إذا كانت الوزارة قد حققت هذا الهدف. وأشارت تقارير أخرى كذلك إلى قيام عصابات إجرامية باستخدام التهديد والابتزاز لاستغلال الصبيان المراهقين في نشاط تجاري ولتحقيق أغراض ودوافع أخرى.)

عجيبة . اي بلد هذا . اليس من المفروض ان تخضع كل دور الايتام والرعاية والجمعيات والمنظمات الى وزارة ما؟ او اشراف حكومي بشكل من الأشكال ؟ من الذي يشرف على اي شيء في العراق الجديد؟ من الذي يشرف على هذا الفالتون؟ من الذي يراقب خان جغان هذا ؟ أليس كلكم راع ومسؤول عن رعيته؟ وبالمناسبة ، ألم تكن دار الحنان ايضا تتبع وزارة الشؤون الاجتماعية وألم تكن تقع أمام مسجد براثا وكر احد التابعين لهذا الائتلاف ايضا ؟

وليس الحزب وحده ، ولكن المفروض ان اي وزارة تخضع لاشراف رئيس الوزراء، ثم لمراقبة مجلس النواب!!! كلهم اذن متورطون في هذه التجارة ، حتى بأضعف الايمان وهو غض البصر، لأن الله سبحانه أمر المؤمنين بغض أبصارهم!!
الآن في الواقع فهمت لماذا يسمي العراقيون فترة الاحتلال (السقوط) . إذ ان ماجرى بعده كان (سقوطا) أخلاقيا بامتياز.

**

هذا هو حال وزارة الخارجية الأمريكية وهذا هو حال حكومة الدمى البلاستيك. تعالوا ننظر من الذي يحكم العراق فعلا، ومن الذي يبيع ويشتري لحم العراق.

الشركات. العالم اصبح سوقا حرة وكل شيء صالح للبيع حتى البشر. تجارة البشر الآن تجلب ارباحا اكبر من تجارة المخدرات. لسبب وحيد وهو أن الحكومات لم تضع حتى الآن قوانين لحظر هذه التجارة. كثير من الدول تطبق على هذه الجريمة عقوبة (الهجرة غير الشرعية) وأقصى عقوبتها إعادة ترحيل المتورطين. وربما تهمة استخدام وثائق مزيفة للدخول للبلاد. وداخل نفس البلد، تخلط الحكومات بين (الدعارة ) التي تمتهنها بعض النساء بإرادتهن ، والدعارة القسرية التي تجبر عليها المخطوفات او (البضائع البشرية) في هذه التجارة. وهناك دول تعيش على هذه التجارة التي تدخل مواردا بالمليارات كل سنة. مثل تايلاند ، ومثل دبي التي تحاول ان تضاهيها. وحين يكون هناك قواعد عسكرية في المنطقة ، فلابد ان تبزغ دولة ترفيه قريبا منها. والجيش الأمريكي يمنح العسكر اجازة اجبارية مدفوعة تسمى R&R للراحة والاستجمام، بعضهم يقضيها في بيته وبين عائلته، ولكن معظم الجنود يفضل ان يذهب الى مناطق الترفيه، وكلمة (ترفيه) ترتبط ارتباطا وثيقا بالجنس في عرف الجيش. وهكذا تنشط هذه التجارة المزدهرة في تلك المناطق. وفي العراق اصبحت (كردستان) منطقة ترفيه : فنادق وبنات وسماسرة!!

تتوفر ظروف التجارة بالنساء كالتالي:

1- وجود حالات نزاع او حرب او تشرد او تهجير.
2- زيادة الجوع والفقر بسبب الظرف اعلاه وانعدام فرص العمل. خاصة حين تدمر المعامل والمصانع والدوائر . كالحالة العراقية المثالية بعد الغزو.
3- وجود قوات اجنبية بأعداد كبيرة . لا تختلف الحالة لو كانت قوات سلام تابعة للامم المتحدة.
4- وجود اعداد كبيرة من النساء الوحيدات بدون معيل (ارامل – مطلقات) بسبب ظروف النزاع اعلاه.
5- انعدام الدولة والقانون وانفلات الأوضاع.
6- التدهور الاخلاقي بسبب كل هذه العوامل.
7- حالة الغابة وافتراس القوي للضعيف والرغبة في تأكيد الهيمنة ، والنساء والاطفال هم اضعف الشرائح الاجتماعية. وبيع الجسد قسرا (بسبب كل هذه العوامل) هو اغتصاب بالمعنى الحقيقي للكلمة.
8- طلب كبير على (البضاعة) سواء من قبل القوات كما اسلفنا وكذلك من قبل دول الجوار الغنية التي لديها قواعد عسكرية ايضا وتريد ان تعفّ نساءها من التعرض للمضايقات والاغتصاب، فتستورد إناثا من الخارج، وليس ارخص من مخطوفة او جائعة تعمل من اجل اشباع اطفالها، او متورطة مخدوعة جاءت لتعمل ممرضة فإذا بها تجبر على عمل آخر.
9- هناك زيادة في الطلب تقابلها زيادة في العرض. والبضاعة يمكن ان تعطيك ارباحا متكررة ، فأنت تبيعها اكثر من مرة ، بل ربما عشرات المرات في اليوم الواحد.
10- لوحظ ان البنات انفسهن يجندن فيما بعد الصديقات والاخوات. كما كان يطلب من المترجمين في القواعد العسكرية تجنيد اصدقاءهم ومن يثقون به.
11- عدم وجود تشريع يجرم هذه التجارة حتى في الدول المستقرة.
12- زيادة الاضطرابات في العالم وبالتالي زيادة المعروض من البضاعة. معين لا ينضب.

الآن لدينا المتورطون في هذه التجارة :

1- شركات مرتزقة لها باع طويل في تجارة الجنس
2- سماسرة محليون ومن مختلف الجنسيات مهمتهم اغواء وايقاع الفتيات والنساء بسبب الحاجة او الجهل ، وعن طريق الاجبار او الخداع أو الخطف. فهذه تجارة رابحة .
3- هناك طبعا شريحة من النساء يعلمن لحسابهن ، من اجل لقمة العيش او لانتهاز فرصة زيادة الطلب من اجل الاغتناء.
4- اشتراك رجال الأمن الفاسدين والذين مهمتهم مكافحة هذه التجارة ، في جني الارباح ، بل حتى يشتركون في توجيه او اجبار النساء على الدعارة كما رأينا في تقرير الصحفي سوران مامه حمة في كركوك ، في حلقة سابقة. كما ان تقرير وزارة الخارجية الأمريكية يشير الى هذه الحقيقة ايضا.
5- اشتراك مسؤولين عن دور رعاية وايتام وملاجيء نساء وحيدات كما تطرقنا آنفا.
**
في رواية نجيب محفوظ الرائعة (زقاق المدق) ، تصور دقيق لما يمكن ان تفعله الحرب بالنساء.

حميدة التي قامت بدورها الفنانة القديرة شادية، بنت الحارة الفقيرة ، تحولها الحرب ووجود جنود احتلال إلى عاهرة عن طريق قواد يزعم حبه لها ورغبته في نقلها الى حياة افضل تليق بجمالها، فتطاوعه وتهرب معه. وكانت قبلها مخطوبة لواحد فقير مثلها ، لم يجد أمامه طريقاً لبناء مستقبله إلا أن يعمل في معسكر للإنجليز، وبعد أن جمع شيئا من المال، وفي طريق عودته إلى الزقاق للزواج من محبوبته حميدة ، يتوقف صدفة في الحانة التي انتهى بحميدة الحال ان تعمل فيها راقصة، فإذا به يراها جالسة في احضان الجنود الإنجليز، فيصعد الدم الى رأسه ويندفع للعراك مع الجنود فيقتل.

هذا مايحدث للفقراء من ابناء البلد المحتل، رجال يقتلون ونساء (يقتلن) بطريقة اخرى، وهناك سماسرة يبيعون ويشترون. أثرياء الحرب الجدد.

إذن اطراف الصفقة :

1- بضاعة رخيصة (نساء واطفال)
2- زبون (عسكر وحرامية): جنود وشرطة ووزراء وامراء وخفراء وناس عاديون. اجانب وعرب وجرب ومحليون.
3- سماسرة (افراد وجماعات)
4- شركات دولية (مافيا وعصابات) يديرها عادة نفس القادة العسكريون الأمريكان الذين دمروا البلد الذي يتاجرون بشرفه الآن.

سوف أقص عليكم حكايات تصور طريقة عمل كل من أطراف الصفقة هؤلاء.

شركة داينكورب Dyncorp

مجلس ادارتها: الجنرال انطوني زيني والجنرال باري مكافري. كان جي جارنر (اول حاكم عسكري للعراق) مديرا في شركة L3 التي اندمجت مع هذه الشركة بعد ذلك.

مهمتها في العراق : تدريب الشرطة العراقية الجديدة وادارة السجون وتنظيم القضاء.

خبراتها: التجارة بالنساء صغيرات السن في البوسنة لصالح قوات الناتو وقوات حفظ السلام الاممية. التجارة بالمخدارت من كولومبيا. تعذيب المعتقلين في ابي غريب. والقيام بعمليات فرق الموت.

سوابقها: اقامت كاثرين بولكوفاك وهي ضابطة شرطة امريكية متقاعدة وظفتها داينكورب في البوسنة، فكشفت ان الشركة ترعى بيوتا للدعارة وتتاجر بالنساء والسلاح، فقامت الشركة بطردها ولكن هذه اقامت دعوى كسبت منها تعويضا قدره 173 الف دولار. موظف آخر لدى الشركة اسمه بن جونسون اثار نفس الموضوع اثناء عمله للشركة في البوسنة فطردته الشركة ايضا ورفع قضية عليها ولكن ما أن عرفت الشركة انها في سبيلها الى الذهاب الى العراق (مغارة علي بابا) فقد اسكتت الشركة الخصم بالتراضي خارج المحكمة لئلا يسبب لها فضيحة جديدة. وهناك قضايا اخرى مرفوعة عليها من قبل الفلاحين في كولومبيا بسبب اتلاف محاصيلهم وتبوير اراضيهم ، اثناء انخراط الشركة بعمليات (مكافحة التمرد) بواجهة مكافحة زراعة المخدرات.

انجازاتها المعروفة في العراق: فضيحة ابو غريب. حيث عمل هناك محققون مدنيون احدهم اسرائيلي.

انجازاتها غير المعروفة في العراق : في 28 نيسان 2008 اشتكى باري هالي وهو موظف يتبع شركة مقاولات ترتبط من الباطن بداينكورب امام لجنة السياسة الديمقراطية التابعة لمجلس الشيوخ في الكونغرس الأمريكي وقال ان احد الموظفين معه مات لأنه خرج في مهمة خطرة جدا تتطلب سيارة مصفحة ، ولكن الشركة اعطته سيارة عادية لأن السيارة المصفحة كانت يستخدمها مدير الشركة في العراق بنفسه لنقل مومسات من الكويت الى فنادق تديرها داينكورب بنفسها، في بغداد.

فنادق تديرها الشركة في بغداد. هل هذا يعني في المنطقة الخضراء ام حولها؟ نريد احدا يكشف لنا هذا الأمر.

بعض القراء الرائعين بدأوا في المساهمة في هذه المقالات، فلهم كل الامتنان، بدأوا يفكرون معي ويبحثون ويرسلون اخبارا وصورا وروابط يرون انها قد تفيد. وكلها تفيد. والعجيب انهم احيانا يسبقون ما انوي كتابته، وهذا ليس توارد خواطر وانما هو طريق واحد نسير فيه ونهج نتبعه فنصل الى نتيجة واحدة. لم يعد طريق الحق موحشا لقلة سالكيه. أحد هؤلاء الاصدقاء بعث بهذه الرسالة :



( وأنا أقرأ مقالاتك تذكرت مسألة أحببت أن أبوح لك بها. وهي أنه ذات مرة في عام 2004 حدث تفجير لسيارة مفخخة قرب أحد جسور بغداد المؤدية الى المنطقة الخضراء .. لا أتذكر إسم الجسر على وجه التحديد. كان التفجير ضد قافلة أمريكية بسيارات مظللة. المهم أن صور التفجير والضحايا تم نشرها على الانترنت وقد شاهدت بعض هذه الصور على موقع صور الاخبار في الياهو. وأغلب هذه الصور ملتقطة بعدسة الاسوشيتد برس . وأنا أشاهد الصور لفت إنتباهي صورة غريبة وهي لشرطي عراقي يحمل بين ذراعيه فتاة مصابة وواضح أنه قد رفعها من موقع الحادث من السيارات الامريكية المظللة التي تعرضت للتفجير ، وكانت ملابس الفتاة شبه ممزقة وهناك أثار جروح على جسدها .. ما لفت إنتباهي هي صورة الفتاة وما كانت تلبسه : لم تكن ملابس عادية او كاجوال كما تسمى ، وانما كانت ترتدي ملابسا كاشفة: قميص قصير عاريا بحمالات ، لايكاد يغطي منطقة البطن. وكانت التنورة قصيرة جدا (ميني سكرت) تحتها جوارب سوداء شفافة بحمالات، ملابس مما نراها في المجلات الاباحية. لم تكن ملابس يمكن ان تمشي بها اية فتاة حتى لو كانت اجنبية في شوارع بغداد. لم استطع تمييزها اذا كانت اسيوية أو عراقية. كان ذلك قبل حوالي خمس أعوام .. ولكن حينما قرأت مقالاتك بهذا الخصوص عادت بي الذاكرة وبدأت أربط ما شاهدته من صور وبين المعلومات التي تذكرينها في المقالات )


تستطيع ان تربط هذه الصورة بخبر داينكورب اعلاه وهنا يتضح لك كل شيء.

تصور قوافل المرتزقة هؤلاء ، السيارات المظللة المصفحة تسير في العراق يحرسها قتلة مدججون بالسلاح، واذا اقترب اي مواطن لايترددون في قتله، كما قتلوا 17 شخصا بريئا في ساحة النسور، وإذا بالمهمة التي يحرسونها ويذبحون من اجلها العراقيين ، هي بائعة هوى قادمة من امارات اولاد العم في الجنوب.

ومازال الحديث طويلا. انتظروني.




هناك تعليق واحد:

  1. عشتورة.......الشعار اللي قصدته هو مال وزارة الدفاع الامريكية , واعتقد هو السبب بعدم وصول الرسالة.......هاي واحد.
    اثنين ـ (علمود هذاك الضابط الطيار) البارحة خابرت صديقي سعٌودي (يعني تدليل سعد) , هو من جماعة اللي جوٌي عن طريق اليو ان نتيجة اضطهاد طائفي , المهم , هو يشتغل بالمطار (بارت تايم) سألته عن امكانيه توظيف لاجئين عراقيين جدد بنفس اختصاصاتهم بالمطار (تحديدا الطيارين) , گال لا صعب جدا .... اللهٌم الا اذا كان عندهم (ريكومانديشن من ناس گلش كبار) فآني گتله يعني اذا واحد عمره 90 سنة يزكٌي واحد طيار, يشغلوه..؟ چان ايگللي انت لوتي لو شنو ؟
    + هذاكه الاستاذ الدكتور ف . س ليش ديشتغل بالتصليحات اذا عنده مجال يشتغل باختصاصه؟؟؟؟

    هسة انت اكيد راح تگولين هذا اشگد عتيگ...آني افضٌل اكون عتيگ واحچي صُدگ على ان اكون جديد واحچي چذب!!!!

    ثالثاً - من هم السماسرة؟
    ( ويجب ان تضمن الا تعرضوا للحجز او العقاب او المعاملة كأنهم مجرمون)
    اكيد تقصدين (يتعرضوا).....مو؟

    ليش همٌه الامريكان نفسهم يضمنون هذا الكلام في بلدهم ؟.....يخٌلون اللاجئين الهُم بسجن اصلاح ويٌه المجرمين وتجار المخدرات ويخلٌوهم بزنزانات منفردة ومن يطلعوهم عل المحكمة يربطون ايديهم ورجليهم بالسلاسل......هاااا ....هسه عرفت , هاي الخطوة اللي يعبر بيها اللاجئ الخط الاصفر بين الحدود المكسيكية والحدود الامريكية هي اكبر جريمه ايسويها بحق نفسه.


    عراق

    ردحذف